الاثنين، 17 نوفمبر 2014

الدنــــيــــــــــا بلون البـــــــــحـر




ربما كنت صاحب شراع أنت كذلك يا صديقي 00

إذ أنى لازلت أذكر حين كنت صغيراً أحاور
أبي حول هذا الجار الملاصق لنا و الذي لا
يعمل بشكل يومي ... حاول أبي أن يشرح
لي معنى هذه الكلمة ( أرزاقي ) فلم يستطع00
لم يكن هذا الجار هو الحالة الوحيدة بمنطقتنا
السكنية .. و لكنى شخصتهم جميعاً علي أنهم
مجانين .. إذ يجب عليهم أن يعملوا في وظائف
يومية ليضمنوا قوت أسرهم ، لم تتغير نظرتي
لهؤلاء بمرور السنين و ازدياد الكم الثقافي
لدي ، و لكنى أضفت إليهم جديدا أعددته الأشد
جنونا بينهم .. إنه الصياد .. و إذ لا يوجد بالصحراء
صيادون 00 فلكم تمنيت مقابلة هذا الرجل يوما
ما 00 لهذا كانت سعادتى لا توصف حين رتبت
صديقتي الفنانة رباب نمر لقاءً يجمعنى بهذا
المجنون الأسطوري ___  الصــيـــــــــــــــــــاد0
لقد أضمرت في نفسي و أنا في طريقي إلي حيث
الموعد الا أخاطب رباب نمر .. ساحاول محادثة
هذا الرجل طوال الوقت .. لدي اعتقاد بأن صوته
جهوري أجش .. أو هكذا يجب أن يكون  علي الأقل
ليتغلب علي ضجيج البحر ..إنه إنسان خشن00
.لابد و أنه يصفع زوجته كذلك
ها أنا ذا أقترب من قاعة الفن بضاحية الزمالك
حيث رقي الموقع و المحوى .. و لقد توقفت قليلا
بمدخل البناية لتأمل بعض اللوحات النادرة
لصاحبة الدعوة 0000
رباب نمر هذه ماهرة حقاً في
ترتيب لقاءات مع الشخصيات الهامة بالمجتمع00
و دائما بهيئاتهم التقليدية ، و هذا بالتحديد كان الباعث
لراحتى النفسية أن وجدت هدفي المنشود واقفاً
بزيـّه التقليدي _ سروال واسع و الصديري_ واضعاً
يده بحنان علي كتف زوجته ..!! ما هذا !؟
إنه إنسانٌ هــا ... !!  هذا عجيبٌ حقاً !!
إنه إنسان

لكنه لم يفقد أهميته انطباعاً عن هذا بالتأكيد00
رجلٌ عقد  صداقة مع طير البحر كما تحكي هذه
اللوحة تذكاراً عنه .. إذ أن كلاهما يعشق صيد
الأسماك ، و كلاهما من ذوي الأجنحة .. إلا أن
صاحبنا  من ذوى الأجنحة  الخشبية كما تعلم00
فكاهة مبعثها سعادتي باكتشاف الإنسان  داخل
هذا المغامر الطيب .. إلا أن هذا الإنسان صامت
أغلب الوقت .. لا أدري  السبب .. لكن هذا الصمت
أكسبه مهابة جعلتنى أغير خطتي .. سأستفسر عن
نظرية هذا الرجل الغامضة من الدكتورة رباب 00
فهذه اللوحة مثلا تسجل غريزة الفخر بداخله 00
إلا أن عدم خبرتي بالبحر و أهله لم تثنيني عن
إبداء ملحوظة حول حجم هذه السمكة موضع
التفاخر 00!! إنها صغيرة 00 لا داعي لحملها
بواسطة عصا تصل بين كتفي اثنين من زملائه وسط
بهجة الصيادين .. و علي ما يبدو أن الصياد  متواضع
كذلك .. لقد سمعنى فانبري للإجابة بغير دعوة ..عرفت
أن سبب الفخر يعود للنوع لا للحجم أو الوزن .. فهذه
السمكة نادرة في عرف الصيادين قياساً بنوعها 00
سأعود إلي خطتى الأولي إذاً ..لقد اتضح لي أن الصياد
إنسان ودود للغاية فسألته إن كانت هذه هي المرة
الأولي له بشارع البرازيل ؟.. فأجابنى بأنه لا يذهب
بقاربه إلي هذه المياه البعيدة .. أنصحك أن  تأتى يا
صديقي .. إنها أمسية ممتعة حقا .. إن الصياد عفوى
كذلك و ربما لا يجد لك وقتاً آخر بين قاربه  و أسماكه0
لا أدري  لماذا اخترت هذه اللوحة بالذات لأسأله عنها ؟
ربما جذبني إليها كونها تميزت  بطرفي المنتهي 00
الأبيض و الأسود 00 حيث هذا الجمع الكبير من
الصيادين لا تري خلالهم موضعاً من الارض خال ٍ 00
لقد غابت عن وجهه أسارير السعادة  و حلت بدلاً
                      منها قسمات حز ن ٍ عميق 0

لقد اتضح أن ضوء القمر لم يعد ..كان يوماً عاصفا
عادت فيه جميع القوارب إلا هذا القارب ضوء القمر00
لم أسأله إن كان به أقارب له 00فمجمل هذه اللوحات
يؤكد أن هذا المجتمع الصغير ما هو إلا أسرة واحدة
كما انفردت به اللوحة التاسعة و العشرين .. و لكني
رأيت أن أسترد ابتسامته فكاشفته بحقيقة نظرتى له و كيف
أن إعجابي بنظريته دفعنى لتطبيقها في الحياة ..لقد ظن
مبتسماً أني عملت صياداً مثله 00 لا يا صديقي الصياد00
لم أستطع بلوغ هذا الحد من الجنون 00 فأنا اغامر بمفردي
لا و أنا صاحب أفواه كثيرة كما تحكي عنك هذه اللوحة00
لابد و أن هذه الأسماك فوق المائدة هي من افخر الأنواع ؟00
لقد نفي هذا مؤكدا أنه يؤثر الناس علي نفسه في هذا و يجد
فيه سعادة كبيرة 00 إن البحر يكسب الإنسان خصالا
كثيرة حلوة وقد أتقاعد يوما فوق سطح البحر 0
و الآن يا صاحبي 00 هل كل من بالقرية صيادون ؟
لقد القي إجابة فريدة ( نحن جميعا شجعان )00 بالتأكيد
يا سيدي البحار 00 فهذه اللوحة و أنتم تلعبون الورق
تقول انكم جميعاً آسات ، و هذه اللوحة هناك أنتم تحتفلون
بمولد القارب الجديد _ شمس _ و هنا أراك و قد أوشكت
علي الإنتهاء من بيع محصولك الفضي 0
إن عالمك جميلٌ يا صديقي 00 و إنى بحاجة لسنوات كي أراك بشكل ٍ أعمق 00و ما أظننى سأفهم عندها طريقتك المثيرة هذه في الحياة00أليس هذا هو
الجندول الخاص بالقرية 00؟ كم هو مبهج  لقد ذكرني
بتحفة الموسيقي العربية _ الجندول _ 00 إسمع يا صاحب
النوتة الزرقاء 00 لقد أيقظت الشاعر بداخلي 00 سأكتب
عنك قصيدة 00 أريد أن يبحث الناس عنك 00 فربما
يروا فيك ما لم أره و يتعلموا منك ما لم أستطع تعلمه 00
سأخبرك بما سأقوله عنك
000
و ها أنا ذا أخيراً 00 وجدت الصياد
فقد بحثت طويلاً عنه
أريد أن أعرف منه
كيف يلبي و بكل شجاعة00 نداء المجهول
و ربما أشياءً أخري
ما بين القارب و الأمواج
ما بين الشبكة و الأسماك
إلا أني أعرف أني
سوف أمضي ليس برأسي
إلا ضحكته العفوية
و اللحن الشرقي المألوف
خليها علي الله
و هذا الدفء يظلل أهل البحر
000000000



بقلم : عبد الوالي علي
عن معرض _ البحر في الأنفوشي
للفنانة _  رَبـَاب نــِمـْـر


http://www.zamalekartgallery.com/en_exhibition.php?exhibitionID=1048&artistID=27&availiable=





ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية